إلى برشين التي لا تمل مجدداً..
أيقونة الجبل…
ودرة القرى المحيطة بها كجوهرة نادرة في عقد فريد..
هكذا يحلو لي وربما لأهلها وزائريها أن يسمونها..
تتنوع الطرق والدروب مابين برشين وجاراتها بما يتناسب مع مقدرة عشاق رياضة المشي ولياقتهم..
من طرق معبدة… إلى طرق زراعية.. إلى دروب وعرة لا يسلكها إلا رعاة الأغنام أوالماعز بشكل أكبر.. لما تتمتع به الماعز من مقدرة على تجاوز تلك الوعورة صعوداً أو نزولاً بدروب بدائية رسمتها تلك القطعان حسب الحاجة إليها… وسلكها من بعدهم الرعاة والمزارعون من أهل تلك القرى..
ومن بعدهم سكلناها زرافاتٍ ووحداناً من هواة المشي في الطبيعة..
لما تتركه تلك الخطى من سعادة بإنجاز أي مسار أو مغامرة..
عبرنا قرية (تين سبيل) المتاخمة لبرشين من طريقها الرئيسي المعبَّد والذي يخترقها طولاً إلى القرية التي تليها (حكر بيت عتق) إلى توأمها قرية (بيت عتق)
عبر طرق زراعية صعوداً تارة وهبوطاً تارة أخرى..
وسط الأشجار المثمرة من تفاح وخوخ ورمان.. أو أشجار برية كالسرو والبلوط والصنوبر والتوت البري على جوانب الدروب..
كل هذا وسط ترحاب الأهالي ممن صادفناه وتحيات عابرة ناهيك عن كرم الضيافة والطيبة والمحبة..
لم يكن الدرب سهلاً بالكامل… ولا صعباً جداً..
نعلو وننخفص بين صعود وهبوط إلى هبوط حاد تتخلله بعض الوعورة من حجارة خلفها سيل الأمطار في مواسم سابقة..
تجاوزه الجميع بعضهم يساعد بعض إلى أن تجمعنا في فسحة عتبة أول بيوت قرية بيت عتق في ترحاب جميل من من أطفال وبنات ذلك البيت البسيط كان لهم من الجمال ما لا يخفى على أحد..
تابعنا المشي بين الدور إلى عين ماء عذب تسمى عين الجوزة..
كان مذاقها أطيب من سابقتها قبل دخول القرية..
بدأت تلوح في أسفل القرية أجمة تلتف أغصانها وكأنها تحمي ما تحتها من أشعة الشمس..
هناك في تلك البقعة كانت لنا استراحة عند مزار يقال بأنه نبي الله العزير..
ذلك الذي ذكر اسمه في القرآن الكريم صراحة مرة
((وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ))
وهو من بني إسرائيل…
وذكر مرة أخرى بالإشارة والتلميح:
((أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانْظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ))
ومفاد القصة التي القيناها على مسامع الحاضرين بأن الله قادر على كل شي فهوي المحيي و المميت …
تابعنا السير صعوداً قاسياً لمسافة ثلاثة كيلومترات بعد السبعة الأولى في طريق معبدة تؤدي إلى عين حلاقيم ومصياف في عكس اتجاهنا إلى أن وصلنا إلى الحافلة التي كنا على موعد معها هناك في أعلى الطريق..
ومن ثم اقلتنا لتناول طعام الغداء عند عين تسمى عين الدولاب في برشين الجميلة…
ساعات من الضحك والفرح بإنجاز عظيم ضم بيننا مختلف الفئات العمرية من سنتين ونصف إلى السبعين….
عدنا إلى دمشق يلفنا الأمل بلقاء قريب في مغامرات وأنشطة جديدة..