للأنهار علاقة وثيقة جداً بالبشرية بدأت مع وجود الإنسان على وجه الأرض..
على ضفافها نشأت الحضارات والمدن والحاميات..
تتبع الإنسان مجراها ومصباتها.. كانت له مصدر الحياة..من ماء وغذاء وري لما يزرع..
أهتم بها وبادلته الخير بالخير.. والحب بالحب..
رواها من دمه وعرقه وروته من ماءها..
ولأن فريقنا من هواة الاستكشاف لهذه الأرض الطيبة تتبعنا مجرى أهم الأنهار في سوريا ذلك النهر العاصي المتمرد على قوانين كل الأنهار السورية والطبيعة.. ينبع في عكس اتجاهها وحيداً متفرداً من الجنوب إلى الشمال..
فبعد زيارتنا لأول أرض يقبلها نهر العاصي عند ربلة بعد دخوله الأراضي السورية قادماً من لبنان تاركاً على كتفه واحدة من أهم الحضارات الإنسانية القديمة قرب تل النبي مندو والذي تحدثنا عنه هناك..
محركاً بقوة هديره طاحونة العمرية بعد تشكيله لما يعرف بوادي العاصي الخصب..
ليتابع مسيره متمرداً إلى حمص التي ولدت من رحمه مملكة إيميسا التاريخية ومن ثم إلى حماه ليسمعنا عنين نواعيرها العملاقة الأشهر على مستوى العالم ويقسمها إلى قسمين ويقيم مدينة أبي الفداء..
تابعنا هذه المرة رحلتنا الشيقة من دمشق إلى مفرق القصير لنلقي التحية عن بعد على أرض زرناها سابقاً..
متابعين مرور الكرام قرب حمص وحماه مع أطيب أمنياتنا لهما على أمل زيارة قريبة..
ولا ننسى تلك البحيرات والسدود التي تعترض ذلك النهر العظيم..
بحيرة قطينة وسد الرستن وسد محردة وجهتنا في هذه الرحلة قبل أن يتابع رحلته ليروي سهل الغاب أخصب وأرحب السهول في سوريا عند سد العشارنة وبعدها إلى جسر الشغور ودركوش قبل أن ينهي رحلته الطويلة والتي تقدر ب571 كم
منها 46 كم فقط في الأراضي اللبنانية والباقي في سوريا..
مروراً بأنطاكيا من لواء اسكندرون السليب عند خليج السويدية في البحر الأبيض المتوسط..
وصلنا إلى مدينة محردة من ريف حماه وكانت لنا فيها زيارة خاطفة ومنها إلى قلعة شيزر أقدم وأهم القلاع السورية عبر التاريخ..
بصحبتنا دليل من أبناء محردة وآخر هو الحارس اللطيف على تلك القلعة….
تجولنا في ظلال التاريخ مع شرح مفصل عن تاريخ القلعة خصوصاً والمنطقة بشكل عام وماتعاقب عليها من حكام أو محتلين…
ذهبوا وبقيت القلعة شامخة رغم كل صروف الدهر والمحن والحروب والزلازل التي عاصرتها القلعة..
مطلين منها على مجرى النهر العاصي وتلك الجسور الحجرية التي تروي قصصاً وحكايات من أزمنة خلت..
التقطنا بعض الصور التذكارية وارتدت بعض النساء زياً تقليدياً من أزياء أهالي محردة الشعبية…
ودعنا الحارس هناك وانطلقنا قرب مجرى النهر باتجاه محطتنا التالية محمية أبو قبيس الطبيعية مروراً بمنطقة السقيلبية إحدى نواحي محافظة حماه.