على بعد 90 كيلومتراً شمال دمشق، تقع بلدة دير عطية، إحدى الجواهر التاريخية والثقافية في سوريا. ترتفع عن سطح البحر 1241 متراً، مما يمنحها طقساً معتدلاً ومناظر طبيعية خلابة. تجمع دير عطية بين التاريخ العريق والحداثة المزدهرة، وأهلها الذين يجسدون المعنى الحقيقي للطيبة والكرم. لتكون وجهة فريدة تلبي تطلعات محبي التاريخ، والثقافة، والطبيعة.
أهل دير عطية: الكرم جزء من الهوية
إن كنت تسأل عن جوهر دير عطية، فهو بلا شك في قلوب أهلها. أهل البلدة يشتهرون بكرم الضيافة، فلا يمكن لزائر أن يمر دون أن يجد أبوابهم مفتوحة، وموائدهم عامرة بما لذ وطاب. ابتسامتهم وطيبتهم تجعل الزائر يشعر كأنه في بيته. لطالما كانت دير عطية وجهة مميزة لكل من يبحث عن الهدوء والسكينة، وأهلها يحرصون على استقبال الزوار وكأنهم أفراد من عائلاتهم.
مزارع دير عطية: سحر الطبيعة وألوان الحياة
تحيط بدير عطية مزارع خضراء تنبض بالحياة، حيث تنتشر بساتين الفاكهة، وحقول الزيتون، وأشجار الكرز والتفاح. يعتبر الزائر للمزارع كأنه يتنقل في لوحة طبيعية مليئة بالألوان الزاهية.
المنتجات المحلية:
- التين والعنب: المشهوران بجودتهما وحلاوتهما الفريدة.
- الأعشاب الطبية والعطرية: يستخدمها السكان المحليون في الطهي والعلاج الطبيعي.
لا تُعد هذه المزارع مجرد مصدر اقتصادي، بل هي أماكن يستمتع فيها السكان والزوار بجمال الطبيعة، حيث يمكن للزوار المشاركة في قطف المحاصيل والاستمتاع بجلسات عائلية تحت ظلال الأشجار.
متحف دير عطية: جسر بين الأزمنة
يعتبر متحف دير عطية من أبرز المعالم الثقافية في سوريا، بل هو الأكبر مساحةً وأغناها بالمقتنيات. تأسس عام 1982 بجهود شخصية من ابن البلدة “محمد ديب دعبول”، ليحفظ إرث منطقة القلمون عامة ودير عطية خاصة. وفي عام 1991، تحول إلى مشروع وطني بمرسوم من الرئيس حافظ الأسد، وافتتح رسمياً عام 1999.
أقسام المتحف ومعروضاته المذهلة
المتحف ليس مجرد مكان لعرض التحف، بل رحلة عبر التاريخ والأنماط الحياتية:
- الآثار الحجرية والبازلتية: شاهدة على العصور القديمة مثل العصر الحجري والعصور الرومانية.
- الفخار والزجاجيات: تعرض أواني تعود لعصور مختلفة، مثل السراج الهلنستي الفريد.
- قسم النفائس: يضم الحلي، الأدوات الزراعية، الأسلحة التاريخية من سيوف وبنادق، وحتى مصابيح وقناديل أثرية.
- قلعة المتحف: مبنى مهيب بطابقين يحتوي على أسلحة تراثية تعود للقرنين الـ18 والـ19.
الحديقة الخارجية: متحف في الهواء الطلق
لا يقتصر جمال المتحف على القاعات المغلقة، بل يمتد إلى حدائق تضم قطعاً أثرية ضخمة يصعب نقلها، ما يجعلها تحفاً فنية قائمة بذاتها. الحديقة تروي قصة العصور بحجارة صامتة تتحدث بصوت الحضارة.
أشهر القطع الأثرية:
- دمية طينية تمثل أنثى من العصر الحجري.
- مذبح تدمري يحمل كتابة تدمريّة محفورة.
- شاهدة قبر رومانية عليها نقش لنسر بسط جناحيه.
- مجموعة من السيوف العربية التي استخدمت في القرنين الـ19 والـ20.
قصة صالحة خاتون: إرث العطاء
في الزاوية الشمالية الغربية من دير عطية، يقف الحمام التحتاني، الذي يرتبط اسمه بالمرأة العظيمة صالحة خاتون. كانت خاتون مثالاً للحكمة والكرم، حيث أوصت بجزء كبير من ممتلكاتها لإقامة منشآت تخدم البلدة، بما في ذلك الحمام الذي كان مركزاً اجتماعياً منذ القرن الثالث عشر.
أعيد ترميم الحمام عام 2002 ليجمع بين التراث والحداثة، مضيفاً خدمات عصرية مثل الساونا، الجاكوزي، والعلاج الفيزيائي، ليصبح وجهةً للاسترخاء والاستشفاء.
كنيسة ميلاد السيدة: الإيمان في قلب التاريخ
تعد كنيسة ميلاد السيدة العذراء، التي شُيدت عام 1867، رمزاً للروحانية والجمال المعماري. تضم الكنيسة مخطوطات وأيقونات أثرية نادرة، وتتميز بطرازها البازيليكي الذي يروي قصة الطائفة الكاثوليكية في البلدة.
نظرة بيئية من جبل دير عطية
في دير عطية متحف مخصص لنباتات جبلها الشهير، حيث يتم عرض صور ونماذج لنباتات نادرة تنمو في هذا الجبل. هذا المتحف هو بداية لمشاريع بحثية تهدف إلى تطوير استخدام النباتات المحلية بما يعود بالنفع على البيئة والإنسان.
النهضة الحديثة لدير عطية
لم تقف دير عطية عند الماضي، بل انطلقت إلى مستقبل واعد. تضم البلدة:
- جامعة القلمون الدولية، أول جامعة خاصة في سوريا.
- مدينة رياضية ومسابح حديثة.
- قصر ثقافة ومكتبة عامة.
- مشاريع فندقية وسياحية تخدم الزوار من كل مكان.
لماذا تزور دير عطية؟
- رحلة عبر الزمن: بين متحفها وكنائسها والحمام التحتاني، ستعيش تجربة فريدة تستحضر عظمة التاريخ.
- وجهة استرخاء: بفضل الطبيعة الساحرة وخدمات مثل الجاكوزي والمساج.
- ثقافة غنية: شعراء ومؤرخون وثقافيون تغنوا بمجدها، ومنهم الشاعر عبد الباقي الذي قال:
“ومتحفها دليل العلم فيها
فقد أضفى لسمعتها دواماً.”
دير عطية بانتظارك
دير عطية ليست مجرد بلدة صغيرة، بل لوحة متكاملة تجمع بين التاريخ، الطبيعة، والثقافة. و قد كان لفريق دروبنا الحظوة بزيارتها هذا العام برفقة الصديقة شريفة حامد و مجموعة من أصدقائنا في دير عطية بتاريخ “15/11/2024“و التعرف على معالمها التي لا تنتهي بيوم واحد و أهلها الطيبين الكرماء و زيارة الأصدقاء و ضيافتهم لنا
زيارتك لها تعني استكشافاً عميقاً لجذور الحضارة السورية واستمتاعاً بجمال الحياة البسيطة الممزوجة بالحداثة. اكتشفها لتصبح جزءاً من قصتها الفريدة.